اليقين
كتبت خديجة عبد الحليم
كتبت خديجة عبد الحليم
كنت في سن 22 عاما واجلس في مكتب طبيب العيون، وأصبت بحالة صدمة شديدة."هل سمعت عن مرض التصلب العصبي المتعدد؟" السؤال كان الأول في الفصل الجديد من حياتي.كنت قد سمعت منه وكان مخيفا لم استطيع إدراك وفهم الاسم الطبي له، وأنا أعلم الآن أن ذلك هو المرض الذي يصيب الجهاز المناعي ويقضي على الغلاف الذي يحمي العصب ولا يوجد علاج له
.نظرت إلى الأسفل إلى ابني الذي احمله بين ذراعي والبالغ سبعة سنوات وقلت الحمد لله انني انا المريضة وليس هو، ولكن تفكري أصبح في حالة ضبابية صامتة وفارغة، و بطء مشيت وغادرت الغرفة بلا شعور أو تفكير.
وأثناء عبور مكتب الاستقبال كما لو أن أحدهم كان يدق الاحرف ببطء وتأكيد لعبور كل حواجز الذهول في تفكيري وعقلي، وقفزت الآية ببطء إلى تفكيري في الواقع نحن ننتمي إلى الله بالتأكيد نحن سنعود إليه وفي تلك اللحظة المحورية تذكرت هدفي الرئيس في الحياة ان اكون شاكرة و عابدة لله حياتنا تتحول عندما نقبل وندرك الحقيقة، هذا الواقع
.ومنذ تلك اللحظة أحاطتني الطمأنينة بفضل ورحمة الله ولم أكن من قبل بهذا التشوش والارتباك والصدمة بسبب ذلك المرض.والمرض لن يقتلني إن شاء الله، وأنا أعتمد على حقيقة أن الانتكاس كما يبدأ سينتهي بكل تأكيد، وأود أن أعود إلى ما قبل أن أصاب بالمرض،" مهما كانت هذه الكلمة تعني بعيد المنال.
وأنا في طريقي للبيت تلقيت مكالمة ادهشتني كثيرا من صديق والدي القديم وهو عالم ومدرسي اتصل بي لمواساتي حيث قال لي انه يتفهم الخوف والقلق من مرض التصلب العصبي المتعدد ولم يواسيني فقط ،وإنما اعطيني حكمة كبيرة عندما قال لا تقلقي من مرضك بل يجب عليكي أن تقلقي من اعمالك.
في هذه اللحظة تذكرت مرة أخرى واقع الحياة بغض النظر عن ما يحدث معك من حزن أو خوف فانت سوف تخضع للمساءلة لأنه اعمالك سواء كانت جيدة أو سيئة تتراكم بطريق او باخرى تماما كما تشرق الشمس والايام تمر.
اليقين بأن ذكر الله ياخذني دائما من القضايا الدنونية التي تعيش معي، كما يقول سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز في سورة الرعد اية 28(لَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)، ووجدت راحتي وعزائي باستمرار ودون توقف عن طريق التشبع من القرآن و ذكر الله بأعظم طريقة.
بعد اثني عشر عاما أجد نفسي ادخل إلى واقع آخر. أنا أجلس هنا في معركة (إذا جاز لي التعبير تسميتها معركة) مع المرض الذي أثر على حياتي بالحد الأدنى ، وأود أن أستفيد من الأدوية الموصوفة التي تأتيني كل شهر.
ولكن أتذكر أن في العالم من لا يستحق الفقر القسري والأمراض والاكاذيب كلها موجودة امام اعيننا، ماذا عن والدة تم تشخيصها بمرض السرطان وهي مرضعة لطفل ولا يوجد أمل في علاجها؟ أو أحد الذين يتضورون جوعا و يشاهدون اطفالهم ينموا بنقص في التغذية ماذا عساي ان اقول" الحمد لله" انا وليس هم.
ماذا افعل؟ طالما لدي القدرة على مساعدة الناس الذين يعانون من المرض وانعدام الرعاية الطبية، وأود مليء رصيدي من الحسنات بالخير بإعطاء بكل استطاعتي. وادعو الله ان يحمي ويبارك مؤسسة الزكاة الأميركية لمنحي الفرصة بالتبرع في الأوقات التي أشعر أنها محتاجة كلما استطعت، واتمنى من الله أن يبقي يدي وقلبي مفتوحتان لاخواني واخواتي في العطاء.ولعل الله يجعلني دائما قلق على مرضي وليس على الحاجات الدنيوية" امين"