منذ آذار عام 2011 و الأردن يشهد تدفقا هائلا للاجئين السوريين ، الذين غادروا وطنهم تاركين خلفهم كل ما يملكون ليبحثوا عن حياة أفضل بعيداً عن الحرب والدمار وسفك الدماء.
ومنذ ذلك الحين والحكومة الأردنية قدمت العديد من الموارد البشرية والمادية لدعم واحتواء أزمة تدفق اللاجئين مع دعم من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين(UNHCR) يعمل الأردن جاهداً لتأمين حياة كريمة لأهلنا اللاجئين، فقام بإنشاء عدة مخيمات منها مخيم الزعتري في منطقة المفرق الصحراوية الذي -وفقا لمصادر أردنية رسمية- يقطن فيه أكثر من 70 ألف لاجئ سوري في ظروف طبيعية ونفسية قاسية، فهم يقاسون شدة البرد شتاءً و حر وغبار الصحراء صيفاً.
ومع كل الجهود المبذولة نجد أن العديد من الأسر السورية قررت ترك المخيم لتبحث عن فرصة لحياة أفضل من تلك المتوفرة داخل المخيمات، لينتهي بهم المطاف في احد الاراضي ليشكلوا مخيمات عشوائية ليعيشوا ظروف أقسى حياة اصعب.
سأتحدث في هذه المدونة عن هذه المخيمات وقصة الحاج علي محمد الأحمد او ما يعرف ب”شاويش المخيم”، هو لاجئ سوري من مدينة حماة السلمية و مقيم في الاردن مع أسرته منذ بداية الحرب في سوريا.
متزوج من ثلاثة نساء وعنده العديد من الأطفال والأحفاد. قرر الحاج علي الذي كان يقيم في سوريا ولديه مصنع اجبان والبان ومزرعة دواجن والعديد من الأراضي الانتقال إلى الأردن بشكل مؤقت في شهر أيلول من العام 2011 خوفاً على أسرته من أية أخطار محتملة قد تحدث لهم ظننا منه انه سيعود بعد عدة أشهر إلى مدينة السلمية ليكمل عمله بشكل طبيعي.
تاركا ورائه أكبر أبنائه لإدارة المصانع. انتقل الحاج علي إلى الأردن عبر مركز نصيب الحدودي وتوجه مباشرة إلى مدينة المفرق الأردنية ليقيم فيها الفترة المنشودة.
ولكن بعد 3 أشهر حدث مالم يكن في الحسبان، جميع أملاك الأسرة من معامل وسيارات وبيوت قد سرقت، ليخرج ابنه متوجهاً إلى الأردن ليقيم مع أفراد أسرته.
عندها أدرك الحج على أن حياته في سوريا قد انتهت وأنه وإن عاد فعليه أن يبدأ من نقطة الصفر. فقرر أن يؤسس لحياة جديدة له ولعائلته في الاردن، فبدأ فورا البحث عن عمل له ولأسرته، فتنقل مع أفراد أسرته من مدينة المفرق إلى العقبة آملا أن يجد فرصة عمل فلم يحالفه الحظ، ليذهب بعدها إلى منطقة الأغوار الزراعية في الأردن، ولم يحالفه الحظ أيضاً ليجد نفسه عائداً إلى مدينة المفرق ليقيم فيها ل 4 سنوات بعد أن هيأ الله له أن يجد أحد أصحاب الأراضي في ضواحي مدينة المفرق والذي كان بحاجة إلى من يعتني له بأرضه ويزرعها، ليتفق معه على أن يعمل هو وأسرته في الأرض ويحرسها من أي اعتداء محتمل.
قبل الحج علي العرض وبحث عن مكان يسكنه حتى وجد أرض أخرى ملاصقة لمكان عمله، وقرر تأسيس مخيم له ولأسرته بعد موافقة مالكها الحاج إبراهيم المغيبي، الذي وجدها فرصة لتقديم العون للأسر السورية في المنطقة وقال له “بإمكانكم الإقامة في أرضي مهما طالت أزمتكم”.
وهكذا لقب الحاج علي ب”الشاويش” وبدأت قصة جديدة في حياته هو أسرته.
حياة المخيم العشوائي البعيد عن كل مظاهر الحضارة والحياة الطبيعية، المخيم الذي يفتقر لأي رعاية صحية دورية كانت أم طارئة ، فأقرب مركز صحي يبعد عن المخيم أكثر من 20 كم مما يجعل زيارة الطبيب مهمة صعبة وقد تكون مستحيلة لبعض سكان المخيم الذي لا يتوفر فيه اي وسيلة مواصلات سوى سيارة واحدة يشرف على استعمالها الحاج علي للحالات الطارئة جداً.
التقيت بالحاج علي ضمن الأسبوع الطبي المنظم من قبل أتلانتيك للإغاثة الإنسانية، AHR وبدعم سخي من الجمعية الطبية العربية الأمريكية NAAMA لتوفير الاستشارة الطبية والدواء المجاني للمستحقين في المنطقة.
عن طريق العيادات المتنقلة التي شملت أكثر من 10 مناطق في المملكة، والذي لعبت فيه مؤسسة الزكاة الأميركية الدور التنظيمي عبر تأمين فريق تطوعي مكون من أكثر 30 متطوع من طلاب الجامعات الأردنية من مختلف التخصصات الطبية والهندسية، بهدف جعل عملية مراجعة الأطباء سلسة وسريعة قدر المستطاع للأخوة المراجعين.
المخيمات العشوائية ظاهرة وجد فيها بعض السوريين ضالتهم فعن طريق اعتزال المدن الكبيرة باستطاعتهم العمل والإنتاج في الأراضي الزراعية دون خوف من أي ملاحقة قانونية، حيث أن قانون العمل الأردني في الوقت الحالي يمنع أصحاب العمل من توظيف العمالة السورية بدون استخراج تصاريح عمل والتي يجد العديد من السوريين صعوبة في الحصول عليها. لعدة أسباب منها التكلفة العالية ووجود بعض ضعاف النفوس من التجار الذي يستغل أزمة اللاجئين للاحتيال على قانون العمل والحصول على عمالة رخيصة.
ونحن كمنظمة إنسانية تعمل داخل الأراضي الأردنية نحاول دائما التعاون مع العديد من الجهات بهدف تأمين الحاجيات الأساسية لأهلنا اللاجئين في البلاد.
.في نهاية الجلسة التي استمرت ما يقارب الساعة، شكرت الشاويش على حسن ضيافته وخرجت في جولة في أنحاء المخيم .