يعانى سكان ما يعرف بالقرن الأفريقي، والذي يضم عدة أقطار تشمل الصومال، أثيوبيا، إريتريا وجيبوتي، مخاطر انتشار المجاعة وأمراض سوء التغذية الناتجة عن قلة الأمطار وموجة الجفاف التي ظلت تعاني منها تلك المنطقة لعدة سنوات والتي تعتبر الأسوأ منذ أمد بعيد. لقد تسببت هذه الموجة من الجفاف إلى تدنى واسع في إنتاج المحاصيل الزراعية مما ينعكس على قلة المواد الغذائية ويزيد من حدة أمراض سوء التغذية، والتى توجد سلفاً فى هذه المناطق، وارتفاع معدلاتها. ويرى بعض المراقبين أن خطورة الأوضاع فى منطقة القرن الأفريقى يمكن مقارنتها بالأحوال الناتجة عن الصراع السوري الحالي وربما يمكن القول أنها تتجاوز الأحوال في سوريا من حيث حدتها ونتائجها السلبية ومن جهة أخرى فإن ما يعانى منه القرن الأفريقى بسبب هذه الظروف قد يمثل الكارثة المقبلة عالمياً إذا لم تتلقى هذه الأقطار العون العاجل.
وعلى الرغم من الأوضاع الحالية السيئة و المتدهورة والتي يمكن أن تزداد سوءاً يوماً بعد يوم فإننا نجد أنها لم تحظى بالاهتمام الكافي من الجهات المسؤولة والمجتمع الدولى. ولكن وبنظرة تفاؤلية فإننا نلاحظ محاولات تكثيف الجهود، على الرغم من أنها تسير ببطء، لمد يد العون. وقد كانت مؤسسة الزكاة الأميركية في مقدمة الجهات التي تقوم بمجهودات واسعة لدرء المخاطر الناتجة عن الظروف التى تمر بها منطقة القرن الأفريقي وقد تمثل ذلك خلال الرصد والمتابعة الدقيقة عن كثب لما يجرى فى تلك المنطقة ومن ثم العمل على توزيع المساعدات الغذائية للمحتاجين حيث يتم ذلك من خلال الشراكات القائمة بين مؤسسة الزكاة وبعض المنظمات المماثلة في إثيوبيا.
لقد تبين أخيراً أنّ آثار الجفاف والتى بدأت تزداد سوءاً امتدت لتشمل نواحي عديدة من منطقة شرق أفريقيا مما حدا ببعض المراقبين بتوقع حدوث كارثة إنسانية فى هذه المنطقة إذا لم يتم تدخل المجتمع الدولي بصورة عاجلة لأجل معالجة الأوضاع المأساوية والمتدنية. ووفقاً لما جاء في إحصاءات منظمة اليونيسيف التابعة للأمم المتحدة فإن أكثر من 2.3 مليون نسمة في الصومال يعانون من نقص في المواد الغذائية وفى نفس الوقت فإن حوالي %73 من السكان يعيشون تحت مستوى خط الفقر. كذلك فإن الحال ليس بأحسن فى كل من إثيوبيا وإريتريا فقد أوضحت الإحصاءات أنه يتواجد في إثيوبيا ما يربو على 10.2 مليون من السكان يواجهون انعدام الأمن الغذائي فى الوقت الذى تواجه فيه إريتريا أسوأ موجة جفاف تضرب البلاد لمدى ثلاثين عاما مضت
وتوضح إحصاءات أخرى أعدت بواسطة منظمة الأمم المتحدة أن ما يربو على 15 مليون شخص في هذه المنطقة التي تأثرت بالجفاف معرضون لعدة أخطار وأنهم يحتاجون للعون والمساعدة العاجلة خلال الأشهر القليلة القادمة وقد ركز تقرير الأمم المتحدة على فئة الأطفال حيث ذكر أن حوالي 400,000 طفل معرضون لأخطار سوء التغذية الحادة الشديدة (SAM) والتى قد تؤدى بحياة الكثير منهم إذا لم تتم معالجة الوضع بالسرعة المطلوبة. إن الوضع الصحى والغذائى فى هذا الجزء من القارة الأفريقية خطير للغاية ومن أجل إعطاء صورة تبين مدى خطورته فقد ذكر المراقبون أنه يماثل أهوال المجاعة التي حدثت في هذه المنطقة خلال عامى 1983-85 والتى أودت بحياة ما يقرب من نصف مليون شخص.
إن معالجة الأزمة الحالية من غير محاولة لدراسة واستقصاء مسبباتها يعتبر حلاً مؤقتاً قصير الأمد لذلك فإن معرفة الأسباب والعوامل التى تؤدى لتكرار حدوث مثل هذه الازمات والكوارث يساعد كثيراً على عدم تكرار وقوعها وتخفيف آثارها السالبة حين حدوثها. وفى هذا المجال فقد أجرت هيئة الأمم المتحدة دراسات تبين أسباب ظهور مثل هذه الكوارث. وقد أشارت بعض نتائج هذه الدراسات إلى تداخل عدة عوامل مناخية وطبيعية مع بعضها البعض مما يؤدى لحدوث هذه الأزمات كما أوضح التقرير الناتج عن هذه الدراسات إلى تدنى مستوى هطول الأمطار بسبب الظاهرة المناخية المعروفة بـ النينو مما أدى بدوره إلى إنخفاض ملحوظ وكبير في مستوى الناتج الزراعى من المحاصيل. كل هذه العوامل مجتمعة أدت إلى انتشار الفقر بصورة واسعة فى هذا الإقليم الشيء الذي يستدعي التدخل العاجل لمساعدة المتأثرين في هذه البقاع.
لقد أدركت مؤسسة الزكاة الأميركية مدى تفاقم الأوضاع فى القرن الأفريقى بسبب الجفاف الذي ضرب المنطقة ولأجل تجنب حدوث كارثة فقد بدأت المؤسسة في جهودها العاجلة لتلبية إحتياجات المتأثرين بالجفاف حيث شرعت في تنفيذ مبادراتها التي وضعتها لدعم جهود الإغاثة الإنسانية فى القرن الأفريقى والتى تهدف لتوزيع المواد الغذائية في إثيوبيا والعمل على شحذ همم المؤسسات والهيئات الخيرية المختلفة والأفراد للتبرع لصندوق الإغاثة والطوارئ للقرن الأفريقي والذي يهدف لمساعدة المتأثرين بالجفاف في هذه المنطقة.